الجزء: (2)سيطرة الانكليز و دعمهم لمحمد بن عبد الوهاب

**Bssam Abdol** الخميس يناير 19, 2012 5:27 pm

العمل الذي تم تكليف مستر همڤر القيام به

أوفدتني وزارة المستعمرات عام 1710 ميلادي إلى كل من مصر والعراق و طهران و الحجاز و الآستانة, لأجمع معلومات كافية لتعزيز سبل تمزيقنا للمسلمين و نشر السيطرة على بلاد الإسلام و تم بعث تسعة آخرين من خيرة الموظفين لدى الوزارة, وتم تزويدنا بالمال و المعلومات اللازمة و الخرائط الممكنة, و أسماء الحكام و العلماء و رؤساء القبائل, ولم أنس كلمة السكرتير حين ودعنا باسم السيد المسيح وقال: (إن على نجاحكم يتوقف مستقبل بلادنا فأبدوا ما عندكم من طاقات للنجاح.

فأبحرت إلى الآستانة ولم أكن أقلق لعدم إلمامي بدقائق اللغة لأن المسلمين عندهم تسامح ورحابة صدر وحسن ظن كما علمهم نبيهم فالشبهة عندهم لم تكن كالشبهة عندنا, إضافة لأن الحكومة التركية لم تكن في مستوى لائق لكشف الجواسيس و العملاء فقد كانت حكومة آخذة في الضعف و الهزال.

بعد وصولي للآستانة سميت اسمي محمداً و أخذت أحضر المسجد وراقني النظافة و الطاعة التي وجدتها عندهم وقلت في نفسي لماذا نحن نحارب هؤلاء البشر؟

و لماذا نعمل من أجل تمزيقهم و سلب نعمتهم؟

هل أوصانا المسيح بذلك؟

لكنني رجعت و استنفرت من هذا التفكير الشيطاني وجددت العزم على أن أشرب إلى آخر الكأس.

وقد التقيت هناك بعالم طاعن في السن وكان من طيب النفس و رحابة الصدر و صفاء الضمير و حب الخير ما لم أجده في أحسن رجال ديننا, و قلت للشيخ إني شاب قد مات أبي و أمي و ليس لي أخوة, وتركوا لي شيئاً من المال ففكرت أن أكتسب و أن أتعلم القرآن فجئت إلى مركز الإسلام لأحصل على الدين والدنيا فرحب بي الشيخ و قال إن الواجب أن نحترمك لعدة أسباب:

1. لأنك مسلم والمسلمون إخوة.

2. و لأنك ضيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أكرموا الضيف).

3. و لأنك طالب علم و الإسلام يؤكد على إكرام طالب العلم.

4. و لأنك تريد الكسب وقد ورد نص بأن (الكاسب حبيب الله).

لكنني تعجبت كيف أن الإسلام في هذه الرفعة, شمله الضعف و الانحطاط على أيدي هؤلاء الحكام المغرورين و هؤلاء العلماء الجهلة بالحياة.

وقد عملت عند نجار اسمه خالد وكان يطمئن مني اطمئناناً لم أدر سببه ولعله وثق بي حيث كنت سامعاً مطيعاً له, لا أناقشه في شؤونه الدينية ولا في شؤون دكانه وكان إذا خلى بي طلب مني أن يلوط بي وكان هذا العمل عندهم من أشد الممنوعات كما قال لي الشيخ إلا أن خالد لم يكن يهتم بالشريعة, لكني كنت أمتنع عن إعطاءه رغبته وأظن أنه كان يعمل ذلك مع بعض من عماله حيث كان أحد العاملين شاباً جميلاً من (سلانيك) وكان يهودياً قد أسلم.

وقد جرت العادة – طيلة مكثي في الآستانة أن أقدم كل شهر تقريراً عن حالي و عن التطورات و عما شاهدته إلى وزارة المستعمرات, و أذكر ذات مرة أني قدمت تقريراً ضمنته ما أراد معي صاحب المحل من عمل اللواط, فجاء الرد (أن لا مانع من ذلك إذا كان في هذا الفعل تسهيل الوصول إلى الهدف), وعندما قرأت الجواب دارت بي الأرض الفضاء و فكرت كيف لا يستحي رؤسائي من الأمر بمثل هذا العمل الشنيع, لكنه لم يكن لي بد من شرب الكأس إلى الثمالة فبقيت في وظيفتي دون أن أنبس ببنت شفة.

وطلبت مني العودة إلى بريطانيا, و بعد أن سمع السكرتير أوليات تقاريري أرسلني إلى مؤتمر عُقِدْ لأجل الاستماع إلى تقاريرنا وعند تلاوة التقارير كنت الثالث من حيث جودة العمل من بين ستة.

وقال السكرتير لا شك أنك ناجح لكني آمل منك أن تحرز قصب السبق في هذه الحلبة إن مهمتك يا همڤر في السفرة القادمة: (أن تجد نقطة الضعف عند المسلمين و التي نتمكن بها من أن ندخل في جسمهم ونبدد أوصالهم), فإن قدرت على المهمة فسوف أطمئن بأنك أنجح العملاء و ستستحق وسام الوزارة.